مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/01/2021 12:32:00 ص

 قصة الثورة التي حصلت من أجل شرب القهوة 

قصة الثورة التي حصلت من أجل شرب القهوة
قصة الثورة التي حصلت من أجل شرب القهوة 


في زمن العثمانيين و أواخر عصر المماليك أي من حوالي ٥٠٠ سنة ظهر مشروب جديد بمصر،

 و تحديداً بقسم الطلبة المغتربين الذين كانوا قادمين من اليمن إلى الأزهر.

كان الطلبة اليمنيين يقوموا بشرب مشروب أسود ذو رائحة غريبة، 

و كان هؤلاء الطلبة متفوقين دراسياً عن زملائهم بسبب سهرهم لعدة ساعات إضافية للدراسة

و هذا الأمر جعل أصدقائهم يسألونهم عن هذا المشروب الغريب، فأخبروهم أنه مشروب يساعد على التركيز، و الإستيعاب، و السهر، و لايذهب العقل.

و هكذا بدأ المشروب الجديد بالإنتشار بين كل طلبة الأزهر، و من ثم انتقل للعوام،

 و أصبح مشروباً منتشراً بين الناس كلها، و له أماكن مخصصة لتقديمه تدعى المقاهي، 

أو القهوة لأنها لم تكن تقدم أي شيء آخر غير القهوة.

و كون القهوة مشروب يؤثر على العقل بغض النظر عن السلب أو الإيجاب فكان المشروب غريب على الناس و تحديداً رجال الدين الذين اختلفوا في أمره كثيراً.

عارض رجال الدين والمتشددين القهوة 

و تم رفض شربها أو التجارة فيها رفضاً قاطعاً في الحجاز، و الشام، و القاهرة،

 و وصل الأمر لتكفير حاملها، و ساقيها، و شاربها، واعتبروها كالخمر تماماً.و هنا بدأت الناس بتجنب القهوة خوفاً من الذنب، و انقسم الناس بين مؤيد و معارض 

حتى حصلت المشكلة عام ١٥٧٢

والتي بدأت بذهاب شخص إلى مفتي الديار المصرية أحمد بن عبد الحق السنباطي لكي يأخد منه فتوى بتحليل القهوة أو تحريمها.

 كان سؤال الشخص هو التالي (ما رأيك في المشروب الذي يدعى قهوة والذي يزعم بعضهم أنه مباح رغم ماينجم عنه من نتائج وعواقب فاسدة؟)

فأتى جواب المفتي بتحريمها و أن يتم معاملتها معاملة الخمر.

و هنا بدأت ردود فعل الناس السلبية و التي عارضت الفتوى بشدة 

وكان هذا سبب حدوث إنشقاق كبير جداً بين صفوف الشعب المصري ما بين معارضين متمثلين برجال الدين، و بين مؤيدين و هم تجار البن و شاربيه.

وبعد عدة شهور

 بدأ خطيب بأحد الجوامع صلاة الجمعة بخطبة حماسية تتحدث عن تحريم القهوة و استنكار كيف أنه مايزال يتم شربها بالرغم من إصدار المفتي لفتوى بتحريمها.

و بتلك الفترة كان كلام المفتي يطبق حتى على السلطان نفسه لأن الدولة العثمانية كانت دولة دينية.

بعد انتهاء الصلاة خرج الناس متحدين وبدأوا بالهتاف، و حمل الشيخ على أكتافهم، و السير في الشوارع، و الميادين، و اقتحموا المقاهي، و بيوت التجار و محلاتهم، و مخازنهم، وبدأوا بالضرب و التكسير. 

وبالطبع لم يسكت تجار القهوة عن هذا الأمر، و تأزمت الأمور بين الطرفين.

وفيما بعد أصدر الشيخ أحمد فتوى تنص على ...

( منع المنكرات، و المسكرات، و المحرمات، و غلق أبواب الحانات، و الخانات، و منع استعمال القهوة، و التجاهر بشربها، و هدم كوانينها، و كسر أوانيها)

و كانت فتوى المفتي بتلك الفترة أشبه بالقرار الرئاسي.

بعد فتوى الشيخ أحمد قرر تجار البن وأصحاب المقاهي إرسال أشخاص تمثلهم إلى الشيخ أحمد لكي يطالبونه بالرجوع عن الفتوى

 و لكن قرار المفتي كان واضحاً، و صريحاً، و رفضَ رفضاً تاماً بحجة أنها تؤثر على المخ، 

و أصر على موقفه بالرغم أن الأشخاص قد أخبروه أن تأثيرها إيجابي وليس سلبي .

وبعد فشل التفاوض بالوصول لقرار، أخبر التجار المفتي أحمد انهم سيستمرون ببيع وتقديم وشرب القهوة .

فما كان من الشيخ أحمد إلا أنه استدعى رجال الأزهر المؤيدين له و قرر أنه سوف يقوم بنفسه قيادة الحشود في الشوارع كنوع من أنواع الجهاد و بسبب سلطة المفتي بتلك الفترة كانت الشرطة في صفه

و بدأت مشاجرة كبيرة وصل عدد المشاركين فيها للآلاف.

رجال الدين، و الشرطة من طرف، و المعارضين لقراراتهم من طرف أخر.

و على أثر هذه المشاجرة توفي شخص من المعارضين  

و هنا اشتعلت الأمور أكثر و أكثر حيث أن أهل المتوفي قاموا بالهجوم على الشيخ أحمد ليأخذوا بالثأر، فماكان من الشيخ أحمد إلا أن أحتمى وأختبأ بأحد المساجد.

قام المعارضين بمحاصرة  المسجد ولم يدخل أحد منهم للداخل وذلك احتراماً لحرمة المسجد. 

وفي نفس الوقت وصل خبر وفاة شخصين أخرين من مصابين المعارضة، فأعلن المعارضين العصيان المدني والذي كان أول عصيان مدني يحدث في تاريخ مصر الحديث .

و قامت المعارضة ببناء خيم كبيرة بالشوارع من أجل إقامة عزاء للأشخاص المتوفيين ، و عنداً للمفتي والسلطان و على العلن تم توزيع قهوة سادة مجاناً  للأشخاص الذين حضروا العزاء، كدلالة على مرارة الحياة بفراق الأشخاص الذين قد توفوا. 

و هذا سبب ارتباط القهوة السادة بالعزاء حتى يومنا هذا.

استمر حصار المعارضة ل ثلاثة أيام زادت فيهم حالة الفوضى و الشغب فما كان من السلطان العثماني و بغية منه بتهدئة الوضع إلا أن عزل الشيخ أحمد السنباطي من لجنة المفتيين، و عيّن مفتي جديد وأمره بإنهاء هذا الصراع والوصول إلى حل سريع.

فما كان من المفتي الجديد إلا أن أصدر فتوى تنص على أن شرب القهوة حلال و سمح بشربها و التجارة فيها.

عندما وصل الخبر للتجار فرحوا جداً وأقاموا احتفالاً عاماً بمصر.

واعتبروا أن السلطان الاركي قد نصرهم و من شدة فرحهم بالقرار سموا مشروب البن بالقهوة التركية،

 وانتشر من وقتها مشروب القهوة التركية في المقاهي

و كان أكثر شاربيها من المثقفين.

وانتشرت القهوة في كل أنحاء مصر، و الوطن العربي و تركيا.


وأخيراً تذكر و أنت تشرب قهوتك بهدوء و على أنغام الموسيقى 

أنه لم يكن من السهل على الناس فكرة أن تصبح القهوة مشروب سهل ومنتشر

 بل قامت ثورة بسبب القهوة مات فيها ثلاثة أشخاص من الشباب وتم أيضاً بسببها عزل وتغيير مفتي مصر .

🌍بقلم نوال المصري 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.